الفنان (الحكواتي) عبده متى من سكان مدينة عكا العربية في الداخل الفلسطيني...
عبده متـّى.. حكواتي بين أزقة عكا! *بين أزقة البلدة القديمة لمدينة عكا الساحلية، يطل ب"رأسه الحمراء"، تجده يبحث عن هذا وذاك، شهرته كشهرة سور عكا المنيع الذي اندحر عليه الصليبيون، يحمل في يده عصاه، ليس لعجزه أو لكبر سنه، وإنما ليستند بها على تاريخ الماضي الفلسطيني العريق الذي يرويه.. هو الفنان "الحكواتي" عبده متى، من سكان مدينة عكا العربية في الداخل الفلسطيني... شد "عشرينات" الحنين للماضي الفلسطيني، فوجدنا من يروي له بعض الذي كان، أو من يذكر الفلسطينيين بتاريخهم العريق، "من الماضي البعيد العثماني نتذكر شخصيات كان لها دور فاعل في تحديد ملامح عكا وفلسطين" هكذا بدأ متى حديثه معنا... **جولة خاصة جدا! طبيعة عمله عبارة عن جولة في الغالب تكون ليلية، يطوف فيها مع مجموعته الخاصة والتي تأتي كل ليلة من سياح أو غيرهم، يقول متى "أطوف حواري وأزقة عكا، أتوقف هنا وهناك قاصا عليهم قصص بيوت قديمة لها تاريخها، مستحضرا شخصيات تاريخية وفولكلورية من عكا استقيها من الذاكرة الشعبيه ومن دراسات قمت بجمعها ونشرت بالفعل عن طريق إخوة لي من أبناء عكا الطيبة، وأنا بدوري أعدها وأخرجها". وليبقى المعنى القصصي والتراثي حاضرا في ذهن عبدو أولا وفي ذهن السامعين ثانيا، فإنه يرتدي لباسا فلسطينيا تراثيا، ويضيف متى "أنا البس الملابس التراثية لبلاد الشام وهي عبارة عن شروال، قمباز حطة وعقال أو طربوش، أما في ايام الصيف الحار فألبس الدشداشه السعودية/الخليجية مع طاقية "قبعة خفيف" فهي ألطف وابرد". **حكاوي "نيو لوك" قصص "عبدو" لها مذاق خاص، فهي مبنية على تسلسل الأحداث والروابط الفنية، وأحيانا يضيف لها بعض التغيرات تأثرا بالجو العام والوضع الذي يكون فيه، لكن دون انجراف، وعندها تصبح الحكاية حديث الساعة، ويهتم ألا يمس هيكل القصة العام والأساسي، و وقصصه مستوحاة إما من الماضي القريب الفلسطيني (ما قبل 48) أومن طفولته. **حكواتي.. لماذا ما دفع "عبدو" الى أن يكون حكواتي هو شغفه بكل ما هو أصيل من حضارتنا وتراثنا، واجتهاده للتواصل معه وإحيائه، ولا يخلو الأمر من التظاهرية الاحتجاجية مبطنا بحملة إعلامية حضارية، "وهو سبب لا يقل أهمية أن أكون بداية لاستمرارية يتبعني وينافسني فيها آخرون و الهدف هو ترسيخ الهوية". و جمهور عبدو الذي يستمع لحكاياته التي لا تقدر بثمن، هو مزيج من العرب وغير العرب من يهود وأجانب. **وا أسفاه يأسف "عبدو" لأن يكون بين جمهوره يهود، يستمعون له وكلهم آذان صاغية، فيقول: "للأسف غالبية جمهوري من اليهود، يتهافتون للتمتع بهذا الفن و يتقبلون برحابة صدر الانتقادات والتلميحات المبطنة، وفي بعض الأحيان يتطور الموقف إلى حوار حضاري و لكن غالبا ما أجبرهم على إعادة التفكير بآرائهم المسبقة، بالإضافة إلى كوني مرشدا سياحيا منذ9 أعوام." ويتابع "عبدو" والشجن يلفه "قلة من أبناء بلدتي الذين يطلبونني في جولة (تراثية أو سياحية) ربما عن وعي او بدون وعي، لا أريد أن أزيد، فتواصلهم مع تاريخ هذه المدينة الجليلة قلما يتعدى صلاة سريعة في مسجد الأنوار"الجزار سابقا"، تتبعها هرولة الى السوق ومنها إبحار راقص على متن سفينة سياحية". ويتساءل "عبدو" محتارا هل من خطأ ما فينا أم اصبحنا نعرف كل شيء؟ "أين عكا الجزار والظاهر عمر وصلاح الدين وسجن عكا وقبور الشهداء، أين منّا سميرة عزام وغسان كنفاني وجورج متى، اسعد واحمد الشقيري أحدث عنهم "الأغيار" الذين يهزون رؤوسهم بتمعن وحيرة، ونحن....!". **القدس كلها بقلب عبده لا يفرق "عبدو" في رواية قصصه بين مدينة وأخرى، فالكل في مخليته، وأي واحدة منها لها نصيب، ويضيف "كيف أجرؤ بالحديث عن عكا سالخا إياها عن أخواتها حيفا ويافا والناصرة والجليل، فهناك ترابط عضوي في الهوية، وهناك شخصيات وأحداث لعبت وتنقلت على المسرح، على هذه الأرض الطيبة، فالكثير من القصص تتردد فيها أسماء من معالم بلادنا". "عبدو" اليوم يعد علما معروف في عكا، وكما يشير فأنه تقريبا لم تتبق وسيلة إعلامية لم تتطرق لنشاطه من شتى الزوايا السياحية والفنية والنسائية ومجلات وصحف وكل وسائل الإعلام المعروفة إضافة الى موقعه الخاص على الانترنت الذي يزوره ألاف الزوار يوميا. وأخيرا عجز "عبدو" عن تعريف نفسه كما يقول: "يبدو أنني أنتمي إلى جيل نجح أن يخترق دون أن يحترق!! تعبت من الإجابة على السؤال، كيف أعرف نفسي، كفاني فخرا أني انتمي إلى شعب وحضارة أفاخر بهما كل الحضارات، ستجد الإجابة بين الأسطر". (الأسوار- عكا 2007)