ازاى جالك موت يا فهيمة .. !!بقلم: دكتور/ ياسر يوسف غبريال
انعى لكم فهيمة ..
البقية في حياتكم فهيمة ماتت
رقدت في الرب بعد سنين الغربة
ماتت الغالية اللي كانت من البيت للغيط ومن الغيط للبيت..
رقدت دون نعى في الأهرام أو برقية من رئيس الجمهورية
ماتت عادى زى ما الناس ما بتموت
غاب النور عن العيون اللي ياما شافت
والنبض عن القلب اللي ياما أتحمل
وعن الحضن اللي ياما حضن الهموم
وغزل الحزن في موال قبل النوم
زعلت .. فرحت ..
شبعت ..جاعت ..
نامت .. قامت.. ماتت..
كانت عايشة من قلة الموت
في الدنيا اللي ضاقت كما بطن الحوت..
نفس خارج .. نفس داخل ..
وروح محبوسة فى تابوت ..
الناس بتشتهى الحياة
وإحنا بنتمنى الموت ..
ماتت بعد ما الدنيا أتغيرت من حواليها ..
فهيمة ماتت وهى مستغربة اللي صار في بر مصر
ماتت بعد ما تغيرت مصر وضاقت على العباد
وبعد ما صار حضن الأم بيفرق بين الولاد..
فهيمة اللي كانت عارفة كل الجيرة ..الصغيرة قبل الكبيرة .. وحنينة وأميرة ..ماتت وفى القلب حيرة ..
ماتت ولم تقرأ الخبر التالي في جرائد العهد الحالي :
( تسببت جنازة احد الموتى الأقباط في عزبة واصف غالى بالعياط في حدوث اشتباكات بين بعض الأقباط والمسلمين الذين اعترضوا على قيام الأقباط بالصلاة على الميت في الكنيسة مما يسبب لهم إزعاجا واضطرابا وكادت الأمور تشتعل لولا تدخل الأمن وعلى الرغم من ذلك تكرر الأمر نفسه أمس مع متوفية أخرى ) الدستور صفحة 2 18-8-2007
والمتوفية الأخرى هي فهيمة ..حتى اسمك مارضيوش يقولوه ..
كنتى تحلمي بالشهرة دي وأنت عايشة .. اديكى اتشهرت بعد موتك
ازاى جالك موت يا فهيمة..وأنت عارفة إن الصلاة على الميت تسبب إزعاجا واضطرابا
ربما هناك واحد نايم ..أو مش نايم بس مش عاوز إزعاج
قرية واصف قرية ضد الضوضاء والميكرفونات .. قرية هادئة ..لايعكر صفوها إلا همس الأقباط في صلواتهم ..اما ميكرفونات الزوايا فلا ..اما شرائط عذاب القبر فلا .. اما صياح الديكة و نعاق البوم فلا ..
ليه ما كتبتيش في الوصية يا فهيمة انك عاوزة موتة سكيتى ..
لا سواد ولا صراخ ولا دموع على اللي راح..
لا جرس يرن .. ولا قلب يحن ..
ويا ريت يصلوا عليك في منتصف الليل أو حتى في البيت ..
ولا يدفنوكى من غير صلاة خالص ..
كانوا بيحفظوكى إن إكرام الميت دفنه .. بس غالبا مش الميت القبطي..
مطلوب القبض على فهيمة بتهمة إثارة الفتنة الطائفية وتوجيه التهم التالية لها:
= الموت في وقت غير مناسب ومكان غير مناسب..
= التحقيق في لماذا أهلها زعلوا عليها وارتدوا السواد..
= الصلاة على جسدها المسجى قبل دفنها في تراب مصر ..
عزبة واصف غالى اللي من عيلة بطرس غالى واللي متبرع في البلد بجامع ومدرسة قبل الكنيسة ..قام موظف وفلاح وسائق ( والعهدة على المصري اليوم ) بإثارة مسلمي القرية لمنع الصلاة على الميت ..تحالف قوى الشعب العاملة فلاحين وعمال وسواقين لمنع الصلاة على سيدة قبطية تأكل العيش الاسود والفول النابت مثلهم وتحلى بالنوم ..
وكانت العزبة قد شهدت مشاحنات طائفية منذ أعوام بسبب الكنيسة ..التي يقولون إن ترخيصها بيت خدمات ومدارس احد .. الإخوة صاروا خبراء في الخدمات ومدارس الأحد ..والصلاة على الميت مش خدمة فلا تجوز في ذلك المكان ..
طيب اللي يموت يروح فين ..يروح النار !!
يروحوا يصلوا فين و مين اللي يشيل.. ما البدن بعد الموت بيكون تقيل.. دموعك يا فهيمة غلبت راحيل ..
بس عندي ليك خبر حلو ..الضابط أبو سريع وقوات الأمن لبسوا اسود في اسود ونزلوا يأمنوا جنازتك .. جنازة عسكرية يعنى .. صلوا عليكى يا فهيمة تحت رعاية قوات الأمن المركزي ..شرف ليك وللعيلة ..ونجح الضابط أبو سريع الله يكرمه في تهدئة الإخوة الثائرين والرافضين للصلاة عليك وخرجوا يعزوا فيكى يا غالية ..ناس محترمة بجد ..طيب لو الضابط أبو سريع لم يأت بسرعة ولم ينجح في فض اعتصام الرافضين الصلاة عليك .. يا ترى كان إيه اللي جرا ..
بجد أنا مكسوف جدا ومحرج منك ..يا ترى انت شايفة اللى كان واللى صار ..إيه اللي جرا لمصر ..وأخلاق شعبها ..الصلاة على الميت بتعمل إزعاج ..
فهيمة عاشت وماتت وهى لا تعرف كلمة المواطنة ولا حقوق الأقباط .. فهيمة ما خرجتش من العياط ..فهيمة عريان يا إخوان .. شاهد على العصر ..وعلى خراب مصر ..
ويا ترى هيصدر امر من الجهات العليا بمنع موت الاقباط فى العياط ..لمنع الإزعاج ..حرصا على المشاعر المرهفة والقلوب الحساسة ..
إيه اللي حصل للمصري البسيط العادي . ومن الذي زرع في القلوب التطرف وفى الأرواح الكراهية ..ان حق الصلاة مثل حق الحياة ..والى متى ستظل مشكلة بناء الكنائس قائمة ..والى متى ستظل فهيمة حزينة ..
بجد ازاى جالك موت يا فهيمة ..
