BASILI
BASILI
BASILI
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى القس باسيلي سمير
 
الرئيسيةاغصان الزيتونأحدث الصورالتسجيلدخول
عزيزي العضو الجديد يجب ان تقوم بفتح ايميلك بعد التسجيل في المنتدى لتفعيل اشتراكك
المنتدى ليس بعدد اعضائه بل بترابط اعضائه كاسرة واحدة

 

 ألوصية ( قصة بقلم يوسف الياس متى )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
يوسف الياس متى
مشرف
مشرف
يوسف الياس متى


الابراج : الجوزاء
عدد المساهمات : 134
نقاط نشاط العضو : 5637
تاريخ التسجيل : 29/07/2009
العمر : 73
الموقع : عيلبون : ألأراضي ألمقدسة
العمل/الترفيه : حرفي

ألوصية ( قصة بقلم يوسف الياس متى ) Empty
مُساهمةموضوع: ألوصية ( قصة بقلم يوسف الياس متى )   ألوصية ( قصة بقلم يوسف الياس متى ) Emptyالجمعة يناير 13, 2012 10:37 pm

ألوصية (قصة قصيرة بقلم يوسف الياس متى)
*************************
كان ألجو يخيم عليه ألسكون .. ولكن هذا ألسكون مخيف .. مرعب .. بعد ثلاثة أيام من ألمعارك ألضارية على ألحدود .. لم تسكت بها ألمدافع ألتي تقذف بحممها ألعشوائية دون هدف جائعة للقتل تريد أن تلتهم كل ماهو حي .. ولم تسترح بها ألطائرات وهي ترمي ألموت من ألفضاء على هؤلاء ألامنين أللذين لم يوقفوا صلواتهم لله يشكرونه على ما إبتلاهم ويبتهلون له أن يجملها بألستر وأن يبعد عنهم شبح ألحرب وألدمار ألذي يحدثه . ويعدونه بإقامة ألنذور إذا ما مرت هذه ألأيام على خير .
وبعد كل هذا ألرعب وألخوف فقد مات من مات وشرد من شرد .. ومن كتبت له ألنجاة وألسلامة فقد لجأ منزله لا يعرف ماهو مصيره .. فألمدينة قد سقطت أليوم في يد ألعدو , ولم يبقى بها أي مقاومة تذكر .
وها قد مرت ساعات دون أن يسمع غير دوي بعض رصاصات تكاد أن تحصى لقلتها بين ألفينة وألأخرى , وكان يصاحبها صوت ألعربة ألعسكرية " ألجيب " ألذي قد أعطب ألجنود به عادم ألصوت كي يظن من يسمعها أن ألمدينة تعج بألآليات ألعسكرية .. وكانت تنبعث منه ندائات مكبر ألصوت تعلن عن سقوط ألمدينة وهزيمة ألجيش ألذي وضعوا فيه كل أمل بألدفاع عنهم وحمايتهم .
كان لهذا ألنداء وقعاً كألصاعقة على نفوسهم , فمنذ ساعات ألحرب ألأولى .. وألأيام ألتي سبقت ألحرب لم يفارقوا ألمذياع ولو للحظة واحدة .. لقد كانت نشرات ألأخبار وألتحاليل ألسياسية وألأغاني ألوطنية وألحماسية هي غذائهم على مدى ساعات ألليل وألنهار , وها هي إذاعتهم لا زالت تبث أخبار إنتصاراتهم وتقدم قواتهم خلف صفوف ألعدو ألذي إنسحب أمامهم كألجرذان وطائراته ألتي تتصاقط كألذباب بفضل بسالة أبطالهم . ولا زالت ألأناشيد ألوطنية وألأغاني ألحماسية تبث من كل ألإذاعات فتمدهم بما يرفع معنوياتهم .. ولكن أين كل هذا من ألحقيقة ألمرة فألصوت ألغريب يملأ ألجو آمراً وبصرامة ومهدداً أن يلزم ألجميع منازلهم , وأن ترفع ألأعلام ألبيضاء على جميع ألمنازل تعبيراً عن ألإستسلام للإحتلال , وأن لا يفكر أحداً بألمقاومة ألتي لن تجدي نفعا ًبعد أن تقهقر ألجيش أمامهم وسيطروا على كل شبر من ألبلاد .
وكل من يخالف هذه ألأوامر ألعسكرية سوف يعرض نفسه للخطر وسيكون مصيره محتوماً وسيطلق ألجنود ألنار عليه بدون أي إنذار .
كان هو في منزله يحتضن أبنائه ألسبعة ألذي لا يتجاوز أكبرهم ألعاشرة من عمره .. وكانت أمه ألعجوز تحاول عبثاً مساعدة ألزوجة ألتي مر عليها يومان وكأنهم دهر وهي تعاني من آلام ألوضع .. ولكن ألولادة تعسرت وأصبحت في حالة يرثى لها .. وألجميع من حولها ليس بوسعهم سوى أن يرفعوا ألصلاة لله وألدعاء أن ينتهي أمر ألحرب كي ما يخرجوا من هذا ألمأذق ويكون بإستطاعتهم إحضار ألقابلة ألتي لا تسكن بعيداً عنهم لهذه ألمسكينة ألتي تنتظر ألموت ألمحتم في كل لحظة تمر عليها إن لم تقدم يد ألمساعدة لها على ألفور .. وهو لا يستطيع تحريك ساكناً لإنقاذ زوجته ألمسكينة .. وأليوم قرر ألزوج كسر ألجمود وألخروج ولو كلفه ذلك حياته فهو لا يقدر على رؤية زوجته تنظر إليه وكأنها تستجدي منه هو حياتها .. وهي لن تطلب منه عمل أي شيء لأجلها في هذه ألظروف ألعصيبة , مقرراً أن يفعل ذلك رغم معارضة ألجميع في خروجه .. وبألفعل خرج منطلقاً إلى ألشارع بعد أن تأكد من غياب صوت ذلك ألجيب ألملعون ألذي يتجول حاملاً ألموت لكل من تسول له نفسه خرق أوامره ألصارمة .. وبينما هو يتأهب لقطع ألشارع وإذا بدورية مترجلة لم يتوقع وجودها ولم تكن في ألحسبان تستوقفه شاهراً أسلحتها في وجهه وتأمره برفع يديه إلى أعلى وأن لا يحاول ألمقاومة أو ألهرب .. دب ألرعب في مفاصله وهو يجد نفسه بين ثلاث فوهات لمدافع رشاشة لا تعرف إلا لغة ألموت في أيادي غرباء لاتصلهم به إلا عداوة سنين طويلة وحروب مستمرة . راح يصلي في سريرته وهو يرفع يديه ألمرتجفتين فوق رأسه .. يصلي لله ولأجل زوجته ألتي ستموت حتماً ولم يفكر ولو للحظة في نفسه . فهو يعرف مصيره .. ولكن ألمهم تلك ألتي تعد حياتها بألثواني منتظرةً ألموت ألمؤكد .. وقطع عليه صلاته أحدهم يسأله بلغته هو عن هويته وما هي وجهته وما ألدافع لخروجه بمثل هذا ألوقت ألذي يسود فيه منع ألتجوال .. تعجب هو لذلك فكيف لهذا ألغريب أن تكون له دراية بلغته .. فأجاب وألخوف وألقلق يرتسمان على ملامح وجهه ألشاحب وعينتاه ألغائرتان بمحجريهما أللتان لم تذوقا طعماً للنوم على مدى ثلاث أيام .. ومفاصله ألتي ترتجف .. أهو من ألبرد ألقارص ألذي ينخر ألعظام , أم من ألخوف ألجارف ألذي يسقط ألقلوب , أم من ألقلق ألمفزع ألذي يسلب ألإنسان عقله .. أجاب قائلاً " ان زوجتي في خطر وعليّ أن أحضر لها ألقابلة على وجه ألسرعة فهي في حالة خطرة وتصارع ألموت منذ يومين طوال"
نظر إليه ألجندي وقد تغيرت ملامح وجهه وأبدى إشفاقاً عليه ونكس بندقيته وسأله " ولكن ألا تعلم إننا في حالة حرب ولا يسمح لأحد بألتجوال ؟ ألم تسمع مكبرات ألصوت ألتي تجوب ألمدينة معلناً عن ذلك ؟ كيف تخرج معرضاً حياتك للخطر وقد يكلفك ذلك حياتك ؟" أجاب وكأنه أفاق من غيبوبة " نعم لقد سمعتها , ولكن حياة زوجتي أهم من حياتي .. إنها تكاد أن تموت بين يدي .. إنها أم لسبعة أطفال , تخيل كيف سيكون عليه حالهم وما هو مصيرهم لو مسها سوء "
كان ألجندي ألثاني والعريف ينظران إلى زميلهما تارة وإلى ألرجل تارة أخرى وهم لا يفهمون ماذا يدور بينهم من حوار .. وجه ألجندي نظره نحوهم وتحدث إليهم بلغة لم يفهمها ألرجل قائلاً " يجب علينا أن نتركه وشأنه فألمسألة مصيرية بألنسبة له .. وإنسانية بألنسبة لنا .. وسرد عليهم قصة ألرجل والدافع لخروجه , وماذا سيترتب عليه لو تأخر عن إسعاف زوجته " هز ألجندي ألثاني رأسه وأبدا أسفه للرجل وكأنه يواسيه بنظراته , وأبدا موافقته للفكرة .. ولكن نار ألحقد إتقدت في ألعريف ألذي بدأ يصرخ في وجوههم " جبناء .. إنكم جبناء .. إنكم تتقاعصون عن أداء واجبكم نحو وطنكم .. ونحو أهلكم وأبنائكم أللذين وضعوا بكم ألثقة حتى تدافعوا عنهم .. أونسيتم أنه عدوكم , وإننا بحالة حرب معه ومع بلاده وشعبه .. أنسيتم شبابنا ألذين سقطوا برصاصهم ؟ لن أتركه يفلت من أيدينا .. سأقتله وأشفي به غليلي .. أونسيتم أني أعلى رتبة منكم وأنكم تسيرون بأمري .. وعلى ذلك فأنا آمركم بأن تطلقوا ألنار عليه فورا وتقتلوه .. وإلا كان ما لا يحمد عقباه " كان ألرجل مشدوها لما يراه .. ينظر لهؤلاء ألغرباء دون أن يعي بما يدور بينهم من حديث صاخب .. كان ينظر إلى وجوههم وكأنه يقرأ ملامحهم باحثاً عن نظرة أمل من هؤلاء ألأعداء أللذين يتجادلون بعصبية لأجله .. وسرعان ما قطع عليهم جدالهم موجهاً كلامه للجندي قائلاً " أهو يريد قتلي .. ليكن له مايريده .. لقد سبق وقلت لك إن هذا لا يهمني , فألأهم عندي ألآن هو إنقاذ زوجتي " وما أن أكمل ألرجل كلامه حتى إنفجر ألجندي صارخاً في وجه قائده " لن نقتله , ولن ندعك تقتله وسوف يذهب ولو كلفني ذلك حياتي .. لن أخالف وصية أبي " وهنا وضع يده على خده وأخذ يتحسسه وكأنه يصافح أحداً .. فسأله ألعريف مستهتراً ومستهذئاً به " وبماذا أوصاك والدك يا ولي ألعهد ؟" .. أجابه وهو ينظر إلى ألأفق وكأنه يرى أحداًهناك بعيداً بعيداً عن أنظار ألذين يستمعون إليه قائلاً " لقد أوصاني بأن لا أقتل كي لا أقتل .. نعم هذه هي وصيته .. وهذا هو مبدأه .. لن أنسى تلك أللحظات .. لن أنسى حين وقفت أودعه على باب ألمنزل وأنا أعلم أني ذاهب للموت , فهي أول حرب أشترك فيها منذ تجندت للجيش .. فبعد أن قبلت والدتي وزوجتي وطفلي مودعاً إياهم .. توجهت نحو والدي ألذي كان يقف بعيداً بعض ألشيء عنهم .. لم يقبلني ولم يمد يده ليصافحني بل صفعني على وجهي .. ذهلت لتصرفه هذا فنظرت إليه مشدوهاً وإذا بي أرى عيونه من خلف دموعه ألتي صعب عليه أن يحبسها وأن يسلب حريتها .. وأرى في تلك ألعيون قصة حياة طويلة وتجارب عمر ومآسي ستون عاماً .. ولا زالت كلماته بصوته ألذي تخنقة ألحشرجات يطن في أذني متوسلا وهو يحتضنني بحرارة ويقبلني " يا إبني إننا نريدك أن تعود لنا سالماً وإن أردت أن تعود إعمل بنصيحتي ولا تضرب بها عرض ألحائط .. لقد وقفت مثلك منذ أكثر من ثلاثين عاماً أمام والدي كي أودعه وأنا ذاهب للحرب .. وفعل معي ما فعلته معك ألآن .. نعم يابني لقد صفعني , وذهلت تماماً كما ذهلت أنت للوهلة ألأولى , ولكنه سرعان ما أوضح لي ألأمر .. فقد كنت وحيده يابني كما أنت وحيدي .. أراد أن يعطيني شيئاً يذكرني بوصيته .. لقد كانت وصيته لي يابني بأن لا أقتل كي لا أقتل .. فإنزع من قلبك ومن نيتك فكرة ألقتل , وإن صادفك جندي لا مانع من أسره . وأما إن صادفت مدنياً أعزل من ألسلاح سالمه وأمد له يد ألعون إذا كان بحاجة لشيء ثم أخلي سبيله كي مايعود إلى ذويه لأنه ماخرج من بيته وعرض نفسه للخطر باطلاً بل بألأكيد ورائه شيء هام وخطير دفعه لذلك, وبهذا سوف تعود لنا سالما ً , لأنك سالمت .. نعم يابني إستفد من تجربتي .. لقد خضت ثلاث حروب وعدت منها سالماً لأهلي .. لقد قتل ألكثير من زملائي وأصدقائي وأقاربي وكنت أعود .. لقد دافعت عن وطني بكل بسالة ولم أستسلم ولم أكن جباناً فألحرب قد فرضت علينا .. ولكن ألقتال في ألحرب شيء وألقتل لنية ألقتل شيئاً آخر إذهب يا إبني رافقتك ألسلامة ولا تنسى أن تعود .. نعم هذه هي وصية أبي وأنا أريد أن أعود لأهلي سالماً ولقد إنتهت ألحرب ولا مبرر لقتل هذا ألإنسان ألأعزل وألمسالم ..يجب أن نتركه كي يتسنى له إسعاف زوجته "
وفجأة أطلت عليهم عربة عسكرية فتوقفت مستفسرين ألأمر .. فأشار ألعريف إلى ألرجل وقال لقائد ألدورية " لقد ضبطناه يكسر أمر منع ألتجوال وها أنا أسلمه لكم كأسير حرب .. ترجل ألضابط وتوجه نحو ألعريف وأدى له تحية وأمسك بشارة ً ووضعها على صدر ألعريف ومن ثم تبادلا ألتحية ألعسكرية وتصافحا .. وإستقل عربته وغابوا وقد إسطحبوا معهم هذا ألمسكين ألذي لا يدري ماهو مصير زوجته .. ستموت حتماً ولربما ماتت .
وواصل أفراد ألدورية ألثلاثة سيرهم .. كان ألعريف يمشي مختالاً فخوراً .. فقد حقق نصراً لوطنه بأنه أسر شخصاً لا يهمه ماذا يكون أو من يكون .. وقد حقق له هو شخصياً نصران , ألأول أنه قد حصل على ترقية , وألثاني كان هزيمته لزملائه ألذي كان ينظر إليهم بإستهزاء معلناً نصره عليهم .. بينما هم ينظران إليه بسخط وإستنكار .. وبينما هم سائرون وإذا بجسم غريب ترتطم به قدم ألعريف كان مستتراً تحت ألرمال ألتي تغطي ألشارع .. وإذا بدوي يصم ألآذان يخرق ألسكون ويرفع ألعريف أشلائاً لينثره في ألفضاء .. وألقى ألجنديان بأنفسهم على ألأرض , فقد كانت مسافة تفصل بينهم وبينه مما أتاح لهم فرصة ألنجاة ولم يصابا بأذى .. وقف ألإثنان ينظران أحدهم للآخر وكل منهم فاغراً فاه مشدوهاً لا يصدق ما حدث , وهنا وضع ألجندي يده متحسساً خده متذكراً صفعة والده وحديثه إليه ثم قال لزميله بكل أساً وحسرة " ليته كان له أب كوالدي يعلمه كيف تكون ألسلامة ويوصيه بها .
وبعد شهرين عاد ألرجل إلى بيته .. فقد أطلق سراحه .. كانت خطواته أثقل من وقع ألأيام .. كان يسير خطوة إلى ألأمام , وعشرة للخلف كما يقال .. كانت أفكاره محصورةً بمصير أولاده .. فزوجته حتما قد فارقت ألحياة .. وطرق ألباب ألذي كان موصداً .. وفتح له ألأبن ألأكبر .. حمله بين ذراعيه وأخذ يقبله ولم يستطع سؤاله عن والدته فهو يعرف ألجواب ألمؤلم .. وإذا بألإبن ألأصغر ألذي كان يتبع أخاه يصرخ " أمي ..أمي..لقد عاد أبي " ألقى ألأب ألولد من بين ذراعيه وهو لا يكاد يصدق أذنيه ..وجرى نحو زوجته ليراها تحمل طفلاً على ذراعها .. فأشارت للطفل وهي تقول لزوجها " هذا هو إبنك " وإستفسر ألأمر وكيف حدث ذلك ؟؟ فقالت له " إنه هو ألجندي ألذي رفض أن يقتلك .. لقد حضر إلى ألبيت ومعه سيارة ألإسعاف ألتي جائت لتأخذ ألقتيل ألذي كوم إلى جواري داخل كيساً ونقلتنا إلى ألمستشفى وبقي هو إلى جانبي ولم يتركني إلى أن أنجبت هذا ألطفل وإطمئن عليّ وعلى صحة ألمولود ووعدني بأن لن يترك أمرك أبداً ثم ودعني وطلب مني أن أسمي ألمولود كإسمه هو (سلام)
تمت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ألوصية ( قصة بقلم يوسف الياس متى )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
BASILI :: منتدى الشعر-
انتقل الى: